يأمر الرئيس بوتين .. زيادة عدد القوات الروسية إلى 1.5 مليون جندي

0

في نهاية عام 2023، أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمرًا تاريخيًا يقضي بزيادة عدد قوات الجيش الروسي بمقدار 180 ألف جندي، ليصل إجمالي قوام القوات الروسية إلى 1.5 مليون جندي.

جاء هذا القرار في ظل استمرار العمل العسكري الروسي في أوكرانيا لأكثر من عامين ونصف العام، وسط تصاعد التوترات والصراع العسكري المستمر بين موسكو وكييف. تتطلب هذه الخطوة تحليلًا عميقًا لفهم خلفيات القرار وآثاره المحتملة على مسار الحرب في أوكرانيا وعلى السياسة الدولية بشكل عام.

السياق التاريخي للصراع الروسي الأوكراني

الصراع بين روسيا وأوكرانيا ليس بجديد، بل يمتد لسنوات طويلة ويعود جذوره إلى فترات سابقة من التوترات السياسية والعرقية في المنطقة. بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991، أعلنت أوكرانيا استقلالها، وهو ما قوبل بترحيب دولي ولكن بقلق من روسيا التي تعتبر أوكرانيا جزءًا من نطاق نفوذها التاريخي والجغرافي.

في 2014، شهدت العلاقات بين البلدين منعطفًا خطيرًا عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم بعد استفتاء مثير للجدل، وهو ما أدى إلى فرض عقوبات غربية على موسكو. وفي 2022، شنت روسيا عملية عسكرية شاملة ضد أوكرانيا، ما أدخل المنطقة في حالة حرب ممتدة أدت إلى مقتل وتشريد الملايين، وتدمير واسع للبنية التحتية.

قرار بوتين بزيادة عدد القوات: الأسباب والدوافع

من المهم النظر في العوامل التي دفعت بوتين إلى اتخاذ قرار بزيادة عدد القوات بهذا الشكل الكبير:

  1. الاستمرارية في الحرب: الحرب في أوكرانيا لم تنته بعد أكثر من عامين من النزاع، رغم العديد من المحاولات الدبلوماسية لوقف القتال. يتطلب الصراع موارد بشرية وعسكرية ضخمة، وزيادة عدد الجنود يمكن أن تسهم في تعزيز القدرة القتالية للقوات الروسية في ظل مقاومة أوكرانية شرسة.
  2. تأمين المواقع العسكرية: منذ بداية الحرب، كانت القوات الروسية بحاجة إلى تأمين مواقع استراتيجية في أوكرانيا، خاصة في المناطق الشرقية مثل دونيتسك ولوغانسك. زيادة عدد القوات يمكن أن يسهم في تعزيز تلك المواقع ومنع أي تقدم محتمل للقوات الأوكرانية المدعومة من الغرب.
  3. الضغط الدولي والعقوبات: روسيا تواجه منذ 2014 عقوبات اقتصادية شديدة، زادت حدتها بعد بدء الحرب الشاملة في 2022. ورغم تلك العقوبات، يبدو أن موسكو لم تتراجع عن أهدافها، بل على العكس، يبدو أن الكرملين يصر على مواصلة الصراع وتحقيق مكاسب استراتيجية في أوكرانيا.
  4. الحاجة إلى التجديد والتعزيز: القوات المسلحة الروسية تعرضت لخسائر كبيرة على مدى سنوات النزاع. لذلك، تأتي هذه الزيادة لتعويض النقص البشري في القوات وإعادة بناء الوحدات المتضررة.

آثار القرار على الحرب في أوكرانيا

قرار بوتين بزيادة عدد القوات سيكون له تداعيات كبيرة على مسار الحرب في أوكرانيا:

  1. تعزيز القوة العسكرية الروسية: سيؤدي تعزيز القوات الروسية إلى تحسين القدرات الهجومية والدفاعية، ما قد يساعد موسكو في تحقيق مكاسب ميدانية جديدة أو على الأقل تثبيت المواقع الحالية. زيادة الجنود يمكن أن تكون محاولة لتحسين النتائج على الأرض في ظل الفشل في تحقيق الانتصار الحاسم خلال العامين السابقين.
  2. استمرار الحرب لأمد طويل: مع زيادة عدد الجنود، يُحتمل أن يطول أمد الحرب. فبدلاً من التوجه نحو الحلول الدبلوماسية، قد تعتمد موسكو على القوة العسكرية لتحقيق أهدافها. هذا يعني أن الصراع قد يستمر لأشهر أو حتى سنوات أخرى، مع ما يترتب على ذلك من خسائر بشرية واقتصادية للطرفين.
  3. استفزاز الغرب: من الممكن أن يُعتبر هذا القرار تحديًا للغرب الذي يدعم أوكرانيا بالأسلحة والموارد المالية. وقد يؤدي هذا إلى تصعيد أكبر في التوترات بين روسيا والدول الغربية، وربما يدفع الناتو إلى اتخاذ خطوات إضافية لتعزيز دعمهم لأوكرانيا.
  4. تأثير على الرأي العام الداخلي: رغم السيطرة الإعلامية الكبيرة في روسيا، فإن القرار قد يُحدث ردود فعل متفاوتة داخل المجتمع الروسي. زيادة عدد الجنود قد تعني مزيدًا من الضحايا بين الشباب الروس، وهو ما قد يؤدي إلى تصاعد الاحتجاجات الداخلية، خاصة مع تدهور الأوضاع الاقتصادية نتيجة للعقوبات.

الرد الدولي على قرار بوتين

الرد الدولي على قرار بوتين بزيادة عدد القوات لم يتأخر، فقد أبدت العديد من الدول الغربية قلقها حيال هذا التطور، معتبرة أن زيادة القوات مؤشر على أن روسيا ليست مستعدة للتهدئة أو الانسحاب من أوكرانيا.

  1. رد الناتو: حلف شمال الأطلسي (الناتو) كان ولا يزال الداعم الرئيسي لأوكرانيا. ومن المحتمل أن يشهد هذا القرار الروسي ردًا مضادًا من الناتو من خلال زيادة إمدادات الأسلحة أو حتى تعزيز وجوده العسكري في الدول المجاورة لروسيا.
  2. الولايات المتحدة: الولايات المتحدة قد تلجأ إلى فرض مزيد من العقوبات على موسكو أو تقديم دعم عسكري أكبر لكييف. قد نشهد زيادة في توريد الأسلحة المتطورة مثل أنظمة الدفاع الجوي والطائرات بدون طيار.
  3. الاتحاد الأوروبي: الاتحاد الأوروبي بدوره سيواصل دعم أوكرانيا اقتصاديًا وسياسيًا، وربما سيزيد من العقوبات المفروضة على روسيا، على الرغم من الضغوط الاقتصادية التي يعاني منها بعض أعضائه نتيجة العقوبات المتبادلة.

التحديات العسكرية والاقتصادية لروسيا

رغم القوة العسكرية الهائلة التي تمتلكها روسيا، إلا أنها تواجه تحديات كبيرة على عدة مستويات:

  1. التحدي البشري: زيادة عدد القوات يعني أن روسيا بحاجة إلى تعبئة عدد كبير من الشباب، وهو ما قد يكون صعبًا في ظل تزايد الوفيات بين الجنود في الحرب. كما أن تدريب وتجهيز هذا العدد الكبير من الجنود يحتاج إلى موارد كبيرة.
  2. التحدي اللوجستي: زيادة عدد القوات يتطلب تحسين القدرات اللوجستية للجيش، بما في ذلك الإمدادات الغذائية والطبية، والذخائر، والمعدات العسكرية.
اخفاء الاعلان
Hide Ads
Leave A Reply

Your email address will not be published.