حافظ بشار الأسد يروي الساعات الأخيرة لانهيار النظام السوري
تشير تصريحات منسوبة لــ حافظ بشار الأسد إلى عدم وجود استعداد لمغادرة والده دمشق أو سوريا، رغم مرور البلاد بظروف مماثلة.
يثير هذا تساؤلات حول طبيعة الأزمة الأخيرة، وإلى أي مدى كانت مفاجئة للنظام الحاكم. كما يفتح الباب للتساؤل عن الأسباب التي أدت إلى سقوط بشار الأسد، وهل كانت الأزمة الأخيرة نقطة تحول حاسمة.
رحلة الابن إلى موسكو للدفاع عن رسالة الدكتوراه
سافر حافظ بشار الأسد إلى موسكو يوم ۱۱/۲۰ على متن خطوط “أجنحة الشام” للدفاع عن رسالة الدكتوراه في ۱۱/۲۹. جاءت هذه الرحلة وسط ظروف صعبة شهدتها سوريا خلال تلك الفترة.
في نفس الوقت، كانت والدته السيدة أسماء الأسد تتلقى علاجًا بعد عملية زرع نقي العظم التي أجريت لها في نهاية الصيف، حيث بقيت في موسكو بسبب متطلبات العزل المرتبطة بالعلاج. وبقيت أخته زين معها لتوفير الدعم اللازم.
عودة حافظ إلى دمشق بسبب تدهور الأوضاع
كان من المفترض أن يبقى حافظ في موسكو لفترة بعد الدفاع عن رسالته لاستكمال الإجراءات المتعلقة بالشهادة. لكن بسبب تدهور الأوضاع في سوريا، قرر العودة إلى دمشق على متن الخطوط الجوية السورية يوم الأحد ١٢/١.
عاد حافظ ليكون مع والده وأخيه كريم، بينما بقيت والدته وأخته في موسكو لاستكمال العلاج. هذا القرار جاء نتيجة التصعيد الأمني في البلاد، خاصة مع استمرار القصف اليومي على دمشق.
انتشار الإشاعات حول هروب العائلة
في صباح يوم السبت ۱۲/۷، قدم أخيه كريم امتحان الرياضيات في المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا في دمشق. كان كريم يستعد للعودة إلى الدوام في اليوم التالي.
أما أخته زين فقد حجزت تذكرة للعودة إلى دمشق يوم الأحد. ولكن بعد ظهر السبت، انتشرت إشاعات بأن العائلة قد هربت خارج البلاد. وصلت هذه الأخبار إلى حافظ، الذي قام بنفيها بالتوجه إلى حديقة النيربين في حي المهاجرين والتقط صورة لنفسه ونشرها على حسابه الشخصي على إنستجرام.
هذه الصورة تم تداولها على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف التأكيد على وجودهم داخل سوريا وعدم الهروب كما أُشيع.
تطور الأحداث في دمشق
حتى ذلك الحين، لم يكن هناك شيء خارج عن المألوف رغم سماع أصوات الرمايات البعيدة. استمر الجيش السوري في الاستعداد للدفاع عن دمشق، ولم يكن هناك أي مؤشرات على تدهور الأمور بشكل حاد.
لكن الموقف تغير تمامًا مع الأخبار عن انسحاب الجيش من حمص، وهو ما جاء مفاجئًا مثلما حدث في حماة وحلب وريف إدلب. ومع ذلك، لم يتم اتخاذ أي تحضيرات لمغادرة العاصمة حتى ليلة السبت.
قرار المغادرة إلى اللاذقية
وصل مسؤول من الجانب الروسي إلى منزلهم في حي المالكي بعد منتصف الليل، يوم الأحد، وأبلغهم بضرورة انتقال الرئيس بشار الأسد إلى اللاذقية لبضعة أيام بسبب خطورة الوضع في دمشق.
كان الهدف من هذا الانتقال هو الإشراف على قيادة المعارك من الساحل، حيث لا تزال العمليات مستمرة على جبهتي الساحل وسهل الغاب. التقى حافظ وعائلته بعمه ماهر الأسد في مطار دمشق الدولي حوالي الساعة الثالثة فجرًا، حيث كان المطار خاليًا تمامًا من الموظفين، بما في ذلك برج المراقبة.
تحديات الوصول إلى برج إسلام
بعد وصولهم إلى مطار حميميم في اللاذقية قبل طلوع الفجر، كان من المفترض أن ينتقلوا إلى الاستراحة الرئاسية في منطقة برج إسلام، التي تبعد أكثر من 40 كيلومترًا عن القاعدة.
ولكن جميع المحاولات للتواصل مع العاملين في الاستراحة باءت بالفشل، حيث كانت الهواتف مغلقة، وتلقوا معلومات عن انسحاب القوات من الجبهات مع الإرهابيين وسقوط آخر المواقع العسكرية.
الهجمات على قاعدة حميميم
بدأت الهجمات المتتالية باستخدام الطيران المسير تستهدف قاعدة حميميم، مع إطلاق نار قريب وبعيد في محيطها. استمرت هذه الحالة طوال فترة تواجدهم هناك.
أبلغتهم قيادة القاعدة بعد الظهر بخطورة الوضع في المنطقة، مشيرة إلى استحالة الخروج من القاعدة بسبب انتشار الإرهابيين والفوضى، بالإضافة إلى انقطاع الاتصال مع القيادات العسكرية.
انتقال العائلة إلى موسكو
بعد التشاور مع موسكو، قررت السلطات الروسية تأمين انتقالهم إلى روسيا بسبب تعقيد الوضع الأمني. أقلعت طائرة عسكرية روسية من قاعدة حميميم، ووصلوا إلى موسكو ليل الأحد.
هذا القرار جاء بسبب التوتر الأمني الكبير وعدم قدرة القوات المحلية على ضمان سلامتهم في ظل الانسحابات المتكررة والهجمات المستمرة.
إغلاق الحساب وإثبات الهوية
بعد ساعات قليلة من نشر تفاصيل هذه الأحداث، قامت إدارة منصة “إكس” بإغلاق الحساب المنسوب لحافظ الأسد دون تقديم أي تعليقات رسمية.
من جانبها، أكدت الصحفية الأميركية الموالية للأسد، إيفا كارين بارلتليت، أن الحساب يعود بالفعل لحافظ الأسد. وقالت عبر حسابها على فيسبوك: “يمكنني تأكيد أن هذا الحساب يخصه وليس لمنتحل شخصية. كنت على تواصل معه مؤخرًا، وعلمت أنه سيقوم بإنشاء قناة على تيليجرام وحسابًا على إكس.
في النهاية كشف حافظ الأسد تفاصيل دقيقة عن ليلة السقوط وظروف مغادرة عائلته دمشق إلى موسكو عام 2012. توضح هذه التفاصيل مدى التعقيد الذي شهدته تلك الفترة، وكيف تم اتخاذ القرارات تحت ضغط الظروف الأمنية الحرجة.
هذه القصة تسلط الضوء على الدور الروسي في حماية العائلة الحاكمة، واستمرار الصراع السوري الذي غيّر وجه البلاد للأبد.